بحـث
المواضيع الأخيرة
دخول
زوال إسرائيل على يد إيران
صفحة 1 من اصل 1
زوال إسرائيل على يد إيران
بسم الله الرمن الرحيم
تصريحات الرئيس الإيراني بين الاستراتيجية والتنفيذ
ماذا أعدت إيران لزوال إسرائيل ؟
د.محمد احمد جميعان
يجدر في أي باحث متابع للأحداث ان ينظر في جدية التصريحات المتحمسة والتفصيلية والممنهجة والمتكررة للرئيس الإيراني احمدي نجادا وأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله حول زوال إسرائيل وقرب نهايتها والتي وصلت ذروتها في تصريح الرئيس الإيراني في مطلع نيسان من هذا العام 2008 حين قال " يجب محو إسرائيل من على الخريطة " وتصريح آخر في نفس السياق لنائب القائد العام للجيش الإيراني محمد رضا اشتياني قال فيه " ان إيران ستمحوا إسرائيل من على وجه الكون.."
هذه التصريحات ليست من فراغ سيما أنها تصدر من مراجع عدة ومن راس الدولة الإيرانية على وجه التحديد ولها أساس عقائدي وتاريخي وسياسي تدفع كل مهتم ومراقب الى دراستها ليرى مدى الدعاية الكلامية فيها ؟ او الحرب النفسية المقصودة منها ؟ او هل هي تكتيكات سياسية لها أغراض محددة تخدم مرحلة آنية وحسب ؟ أم هي استراتيجية في معناها ومغزاها وتأتي في إطار خطة مرسومة تم الإعداد والاستعداد لها بعناية وحكمة وحنكة وما هذه التصريحات إلا مقدمات حرب نفسية تنهك العدو وتربكه تمهيدا لتنفيذ الهدف المعلن عنه في التصريحات وهو زوال إسرائيل ؟
· طبيعة التصريحات
عادة ما ترتبط طبيعة التصريحات واختبار مدى الجدية فيها من خلال ثلاثة محاور رئيسة تتمثل فيما يلي :
الأول : مدى استراتيجية هذا التصريحات ، ومدى عمق تواجدها في الثقافة والفكر والعقيدة والسياسة الإيرانية .
الثاني: مدى توفر الامكانات المادية والظروف الموضوعية المناسبة، والتي تخدم هذه الاستراتيجية.
الثالث :مدى الإعداد والاستعداد والتخطيط الحقيقي ، لتنفيذ هذه الاستراتيجية وتلك التهديدات والتصريحات ، بمعنى آخر ماذا أعدت إيران فعليا وعمليا لزوال إسرائيل ؟
· مدى استراتيجية التصريحات
ا ـ ان زوال إسرائيل على يد إيران هدف استراتيجي في صلب الثورة الخمينية يخدم مصالحها العقائدية المذهبية الذي يرتبط بمشروع التشيع ونشره بشكل اكبر وأوسع في محيط سني يصعب فيه التمدد إلا بعمل عظيم كزوال إسرائيل يخدم الأمة الإسلامية وتتجه إليه أفئدة المسلمين كافة يصبح معها المذهب محل إعجاب وتقدير ومودة يفسح المجال واسعا للتشيع .
ب ـ ترتبط هذه التصريحات بما ورد في الأثر والحديث والفكر الشيعي ان "زوال إسرائيل في آخر الزمان سوف يتم على يد العمائم السود القادمة من الشرق.." ومعروف للجميع مدى عقائدية النظام الإيراني بل ومدى عقائدية الرئيس الإيراني احمدي نجادا نفسه .. وبالمناسبة هذا يتطابق مع روايات مشابهة للمسيحية المتصهينة التي يتبعها بوش في امريكا ان زوال إسرائيل في آخر الزمان على يد جيش يأتي من الشرق حيث يعتبرون العراق وإيران هما الخطر القادم ، وبعد ان بعثروا العراق وأبادوا قدراته العسكرية وحلوا جيشه لم يبقى لهم سوى إيران يشكل تهديد وخطر قادم على إسرائيل حسب معتقداتهم .
ج ـ ان إيران الفارسية القومية والشيعية المذهب لا يمكن ان تحصل على العظمة وقيادة المنطقة والعالم الإسلامي بل ولا يمكن ان تأخذ دورا رياديا كبيرا وقياديا متميزا في منطقة عربية القومية وسنية المذهب إلا في تحمل عبئ ومسؤولية زوال إسرائيل التي عجز العرب والمسلمين عن تحقيقه..
د ـ ان إيران الخميني والثورة والعمائم والسياسة كلها تسعى الى تحقيق هذا الهدف منذ الإطاحة بالشاه حين أعلن الخميني على سلم الطائرة التي هبطت ارض طهران ان مشروعه هو " تصدير الثورة " وان امريكا هي " الشيطان الأكبر " وان إسرائيل "سرطان في جسم الأمة يجب اقتلاعه ".
· مدى الامكانات والظروف المناسبة
ا ـ ان موقع إيران الجغرافي وسعة مساحته وحجم سكانه ومتانة اقتصاده وامكاناته النفطية تعزز قدرة إيران على تحقيق مثل هكذا هدف له مردود كبير بهذا الحجم من المصالح والاستراتيجيات بل وتساعد إيران على المضي قدما في تحقيق هذا الهدف دون تردد.
ب ـ ان الظروف الموضوعية الجغرافية والسياسية التحالفية في المنطقة شجعت إيران بكل امكاناتها للسعي نحو تحقيق هذا الهدف ، وهذا الظروف تتمثل في تواجد حزب الله الشيعي على حدود فلسطين الشمالية وما قام به من إنجازات في هذا المجال سواء على صعيد تحرير الأراضي اللبنانية وما يمتلكه من قدرات عسكرية وعددية ومكانة شعبية في المنطقة.
ج ـ التحالف التاريخي والاستراتيجي المعلن والمعروف بين إيران الثورة والنظام السياسي في سوريا والذي يوفر دعما مباشرا لحزب الله ومكن سوريا من تطوير قدراتها العسكرية والصاروخية بالذات بشكل كبير ومؤثر ضد إسرائيل وتشكيل ما يسمى بجبهة الممانعة .
د ـ الامتداد ألتحالفي الجديد مع حركة حماس المقاومة والحكومة والسلطة الفعلية في غزة وما تلقته من دعم مالي كبير في هذا المجال والذي هو امتداد للدعم الإيراني لحركة الجهاد الإسلامي مما شكل طوقا ناريا محكما حول إسرائيل كما سنرى لاحقا .
· مدى الإعداد والاستعداد الحقيقي
أي ماذا أعدت إيران لزوال إسرائيل؟
ان الإجابة على هذا السؤال تتطلب التذكير ان هذه المعلومات إنما هي ما أفصح عنه الإيرانيون انفسهم وما كشفته الأحداث وما تم تسريبه في الدوائر الغربية والإسرائيلية والمخفي أعظم ولكنه يعطي دلالات أكيدة وتحليلات واضحة على حجم ما أعدت إيران لزوال إسرائيل والمتمثل بما يلي :
أولا : استطاعت إيران إقامة طوق حليف لها حول إسرائيل تميز بأنه ناري صاروخي مؤثر ومفزع للكيان الإسرائيلي من خلال حزب الله وسوريا وحماس والجهاد الإسلامي دفع إسرائيل لأول مرة في تاريخها الى إجراء مناورات شاملة وضخمة وعلنية لكافة القطاعات العسكرية والمدنية وكافة المناطق ولكافة الأسلحة بما فيها الكيماوية وغير التقليدية ، وجاءت التصريحات الإسرائيلية توضح ذلك بان إسرائيل قلقة من القدرات الصاروخية للعدو والذي قد يربك استدعاء الاحتياط في الجيش الإسرائيلي ، وان إسرائيل تنوي نقل قواعدها الجوية الى النقب في محاولة لحمايتها.. والمخفي الذي لم يصرح عنه من القلق أعظم من ذلك بكل تأكيد .
ثانيا : استطاعت إيران تطوير قدراتها العسكرية والقتالية والتقنية والصاروخية على وجه التحديد من حيث المدى والدقة والقدرة التدميرية بحيث تصل الى إسرائيل وتضربها بشكل مؤثر وفاعل وقد أعلنت إيران رسميا وإعلاميا عن بعض هذه القدرات سيما التقليدية منها ، خلافا لغير التقليدية التي يحاول الإيرانيون عدم الحديث فيها ورغم شح المعلومات والتكتم والتمويه في المجال غير التقليدي لا سيما في المجال النووي إلا ان التقديرات العسكرية المتخصصة في هذا المجال تتوقع تطور وتقدم إيراني كبير قياسا على التوجه والتركيز الإيراني على التطوير وامتلاك السلاح المؤثر وهنا يكفي ان نشير الى ان إيران أصبحت قادرة على إطلاق ما يزيد على عشرة آلاف قذيفة صاروخية في الدقيقة الأولى في أية مواجهة او رد فعل وان الرأس المتفجر في هذه الصواريخ وصل الى ما يقارب الطن ، والمدى الى نحو ثلاثة ألاف كيلومتر..
ثالثا : عملت إيران مع حلفائها في المنطقة على بناء وتدريب أجهزة استخبارية دفاعية وهجومية متقدمة وقادرة على توفير الحماية لهم وعلى اختراق العدو ، وقد لاحظت ذلك بشكل دقيق في المفاجآت التي أعدها حزب الله في حرب تموز وقدراته على التمويه والمناورة والتظليل والتخفي لامكاناته العسكرية والصاروخية والقتالية .. إضافة الى حجم المواقع العسكرية والإحداثيات الموضعية والموقعية التي استطاع حزب الله ضربها والتي تحتاج الى معلومات استخبارية دقيقة ومسبقة مما يؤكد اختراق حزب الله وحلفاء إيران الآخرين للكيان الاسرئيلي في عمق الأهداف العسكرية… مقابل عجز إسرائيلي واضح على اختراق حزب الله ومجموعاته القتالية ومواقعه الصاروخية والتخزينية بل عجزت إسرائيل عن رصد او اختراق أي هدف عسكري او حيوي مهم غير مكشوف لحزب الله، وان ما قامت به إسرائيل في حرب تموز عبارة عن تدمير مجمعات سكنية ومكاتب ومؤسسات جماهيرية مكشوفة للصحافة والإعلام في الضاحية الجنوبية ومناطق أخرى.
رابعا: أبدت إيران الاستعداد التام لتقديم الدعم المالي بسخاء في سبيل مواجهة إسرائيل وزوالها وكذلك تحمل الخسائر والأضرار التي تترتب على مثل هكذا مواجهة وقد أتضح ذلك جليا من خلال ما قام به حزب الله في أعقاب حرب تموز من تعويضات وإعادة البناء بشكل سريع وقياسي.. كذلك ما قدمته إيران الى حماس من دعم مالي كبير وفوري ضاهري ومعلن تجاوز نصف مليار دولار ..ناهيك عن المساعدات الاخرى والمساعدات التي تقدم الى الجهاد الإسلامي منذ زمن طويل ..
خامسا: استطاعت إيران بحنكة ودهاء ان تشكل رقما صعبا في المعادلة الدولية والأمريكية على وجه الخصوص لا يمكن تجاوزه ولا يمكن المغامرة معه من خلال ما قامت به من دعم عسكري ومالي واختراق استخباري منظم وممنهج لمنظمات وتنظيمات وحركات وفصائل متضاربة في الفكر والمنهج والاتجاه أحيانا ولكنها متوافقة عندما يريد الإيرانيون ذلك في العراق وأفغانستان ولبنان وفلسطين والمنطقة عموما، وهذا الاختراق الكبير سوف تجيره وتستخدمه إيران عند الضرورة في مواجهة إسرائيل.
سادسا : تمارس إيران سياسة خارجية هادئة وسلسة في ظاهر الحال ولكنها متسللة وسريعة وقادرة على استغلال الفرص بل وصناعتها في خدمة مصالحها وتحقيق أهدافها الاستراتيجية ، وهي تتبع تكتيكات تبتعد عن المواجهة والصدام المباشر حيث تستخدم اذرعها الحليفة في العراق وأفغانستان ولبنان والمنطقة في المواجهات بما يحرج امريكا ويجعلها في وضع الارتباك الدائم لمعالجة ملفها النووي وتحقيق هدف ازلة إسرائيل..
سابعا : إعادة البناء السريعة لقطاعات حزب الله العسكرية في أعقاب حرب تموز من تدريب وجهوزية قتالية ومضاعفة أعداد المقاتلين الى زيادة وتطوير القدرات الصاروخية بالذات على نحو يشكل أضعاف ما كان قائما قبل الحرب والذي تؤكده أوساط حزب الله والخبراء في هذا المجال يدلل على مدى الإعداد والاستعداد والحماسة لمواجهة كبرى مع إسرائيل من اجل زوالها والذي أصبح يكرره ويؤكد عليه السيد حسن نصر الله نفسه
ثامنا: الحرب النفسية المركزة والممنهجة التي تقوم بها إيران وحزب الله تجاه إسرائيل والتي تشكل هذه التصريحات جزء أساسي منها .. ومن يتابع هذه التصريحات سيما تصريحات الرئيس احمدي نجادا وتصريحات أمين حزب الله السيد حسن نصرا لله على وجه الخصوص حول زوال إسرائيل يدرك بما لا يدع مجالا للشك ان هذه التصريحات تأتي في إطار مدروس ودقيق وممنهج لحرب نفسية تم الإعداد في إطار خطة متكاملة في هذا الاتجاه يخدم الهدف الأكبر والأعظم لزوال إسرائيل ..
تاسعا: بالمقابل فان الكيان الإسرائيلي يعيش حالة من الرعب غير مسبوقة من زوال كيانه ومن يتابع الإعلام الإسرائيلي يجد ذلك جليا وواضحا بل ان هناك من الكتاب الاسرائيين هذه الأيام من يتحدث حول مخاوف حقيقية وهواجس زوال إسرائيل مما يشير الى ان تأثيرات كبيرة ومؤثرة للحرب النفسية من تصريحات نجادا ونصرا لله وقد أتت أكلها مما يدفع ويشجع الإعلام العربي والإسلامي المستقل على تكثيف الحديث حول زوال إسرائيل وإعطاء الأفكار والتفصيلات والبرامج حول زوال هذا الكيان .
.
عاشرا: لقد أسقطت حرب تموز جدار الخوف والدعاية المضخمة الذي زرعته إسرائيل لحفظ كيانها ، وأثبتت هذه الحرب للشعوب العربية والإسلامية وحتى للأنظمة الرسمية فيها ان هذا الكيان غير قادر على اختراق المقاومة العقائدية المنظمة والقادرة والمدربة وغير قادر أيضا على إنهائها او تحجيمها او الحد من تأثيرها ، بل ما هو اكثر من ذلك لقد مهددت هذه الحرب وشجعت إيران والمقاومة بشكل حقيقي ومفصلي لزوال إسرائيل وأثبتت ان إسرائيل كيان هش قابل للاختراق والانهيار المفاجئ غير المتوقع إذا توفرت الإرادة واتخذ القرار والاستعداد لتحمل الخسائر البشرية والمادية، وهنا ما يجدر ذكره ان هذا الاستعداد من حزب الله في مواجهة إسرائيل والذي ظهر في حرب تموز إنما هو نموذج مصغر وبسيط لحالة الاستعداد التي تقوم بها إيران وحلفائها مجتمعين لتحقيق هذا الهدف ..
· سيناريوهات متوقعة
هناك عدة سيناريوهات في هذا المجال يمكن وضعها في ثلاثة اطر رئيسة:
الأول ؛ ( صاحب الضربة القوية والمفاجئة الأولى ينتصر ) وذلك من خلال ضربة صاروخية منتقاة وشاملة ومفاجئة وقوية ومؤثرة جدا من عدة اتجاهات لأهداف إسرائيلية حساسة ومفصلية وقاتلة تشل أنظمة السيطرة والتحكم والاتصالات وتؤدي الى خسائر كبيرة ينجم عنها حالة من الهثيان المدني والذهول العسكري في الميدان يضعف معها او قد ينعدم معها قدرة وفاعلية الرد الإسرائيلي وتجعله ينشغل في الإسعاف والطوارئ والإنقاذ ويسرع الى التركيز على لملمة جراحه وعدم وقوع مزيدا من الخسائر ..
والثاني ؛ ( مقاومة فاعلة ومؤثرة تمهد الطريق .. ) وذلك من خلال تصعيد عمليات المقاومة بشكل كبير ومكثف وعميق من الشمال والجنوب والداخل يستنزف القدرات الإسرائيلية تتولى فيه إيران الدعم والمساندة والتمويل المالي والعسكري والتدريب والمعدات وهذا التصعيد يمهد الى توجيه ضربة صاروخية كبرى الى الكيان إلاسرائيلي في الوقت المناسب لذلك لا سيما بعد ان تستكمل إيران بناء قدراتها النووية ليشكل رادع أمام أي رد إسرائيلي محتمل ..
والثالث ؛ ( حماقة إسرائيلية متسرعة في مواجهة استعداد لزوالها ) وهذا هو الأرجح لان العقلية الاسرائبلية هجومية ومغامرة في سبيل الحفاظ على كيانها او عندما تشعر بالتهديد والخطر لكيانها وهذا ما رأيناه عبر تاريخ إسرائيل ولكن الامر مختلف الآن فيما يخص الإعداد والاستعداد لزوال إسرائيل ولهذا يمكن توقع ان تقوم إسرائيل وتقدم على حماقة عسكرية متسرعة ومفزعة تجاه إيران او حلفائها الاستراتيجيين تدفع إيران وحلفائها الذين اعدوا العدة للمواجهة الكبرى الى رد حاسم وعنيف يزلزل الكيان الإسرائيلي ويجعله في حالة خلخلة وارتباك وربما انهيار يشجع آخرين للحاق بالمواجهة وهو ما لا يمكن توقع نتائجه الآن..
تصريحات الرئيس الإيراني بين الاستراتيجية والتنفيذ
ماذا أعدت إيران لزوال إسرائيل ؟
د.محمد احمد جميعان
يجدر في أي باحث متابع للأحداث ان ينظر في جدية التصريحات المتحمسة والتفصيلية والممنهجة والمتكررة للرئيس الإيراني احمدي نجادا وأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله حول زوال إسرائيل وقرب نهايتها والتي وصلت ذروتها في تصريح الرئيس الإيراني في مطلع نيسان من هذا العام 2008 حين قال " يجب محو إسرائيل من على الخريطة " وتصريح آخر في نفس السياق لنائب القائد العام للجيش الإيراني محمد رضا اشتياني قال فيه " ان إيران ستمحوا إسرائيل من على وجه الكون.."
هذه التصريحات ليست من فراغ سيما أنها تصدر من مراجع عدة ومن راس الدولة الإيرانية على وجه التحديد ولها أساس عقائدي وتاريخي وسياسي تدفع كل مهتم ومراقب الى دراستها ليرى مدى الدعاية الكلامية فيها ؟ او الحرب النفسية المقصودة منها ؟ او هل هي تكتيكات سياسية لها أغراض محددة تخدم مرحلة آنية وحسب ؟ أم هي استراتيجية في معناها ومغزاها وتأتي في إطار خطة مرسومة تم الإعداد والاستعداد لها بعناية وحكمة وحنكة وما هذه التصريحات إلا مقدمات حرب نفسية تنهك العدو وتربكه تمهيدا لتنفيذ الهدف المعلن عنه في التصريحات وهو زوال إسرائيل ؟
· طبيعة التصريحات
عادة ما ترتبط طبيعة التصريحات واختبار مدى الجدية فيها من خلال ثلاثة محاور رئيسة تتمثل فيما يلي :
الأول : مدى استراتيجية هذا التصريحات ، ومدى عمق تواجدها في الثقافة والفكر والعقيدة والسياسة الإيرانية .
الثاني: مدى توفر الامكانات المادية والظروف الموضوعية المناسبة، والتي تخدم هذه الاستراتيجية.
الثالث :مدى الإعداد والاستعداد والتخطيط الحقيقي ، لتنفيذ هذه الاستراتيجية وتلك التهديدات والتصريحات ، بمعنى آخر ماذا أعدت إيران فعليا وعمليا لزوال إسرائيل ؟
· مدى استراتيجية التصريحات
ا ـ ان زوال إسرائيل على يد إيران هدف استراتيجي في صلب الثورة الخمينية يخدم مصالحها العقائدية المذهبية الذي يرتبط بمشروع التشيع ونشره بشكل اكبر وأوسع في محيط سني يصعب فيه التمدد إلا بعمل عظيم كزوال إسرائيل يخدم الأمة الإسلامية وتتجه إليه أفئدة المسلمين كافة يصبح معها المذهب محل إعجاب وتقدير ومودة يفسح المجال واسعا للتشيع .
ب ـ ترتبط هذه التصريحات بما ورد في الأثر والحديث والفكر الشيعي ان "زوال إسرائيل في آخر الزمان سوف يتم على يد العمائم السود القادمة من الشرق.." ومعروف للجميع مدى عقائدية النظام الإيراني بل ومدى عقائدية الرئيس الإيراني احمدي نجادا نفسه .. وبالمناسبة هذا يتطابق مع روايات مشابهة للمسيحية المتصهينة التي يتبعها بوش في امريكا ان زوال إسرائيل في آخر الزمان على يد جيش يأتي من الشرق حيث يعتبرون العراق وإيران هما الخطر القادم ، وبعد ان بعثروا العراق وأبادوا قدراته العسكرية وحلوا جيشه لم يبقى لهم سوى إيران يشكل تهديد وخطر قادم على إسرائيل حسب معتقداتهم .
ج ـ ان إيران الفارسية القومية والشيعية المذهب لا يمكن ان تحصل على العظمة وقيادة المنطقة والعالم الإسلامي بل ولا يمكن ان تأخذ دورا رياديا كبيرا وقياديا متميزا في منطقة عربية القومية وسنية المذهب إلا في تحمل عبئ ومسؤولية زوال إسرائيل التي عجز العرب والمسلمين عن تحقيقه..
د ـ ان إيران الخميني والثورة والعمائم والسياسة كلها تسعى الى تحقيق هذا الهدف منذ الإطاحة بالشاه حين أعلن الخميني على سلم الطائرة التي هبطت ارض طهران ان مشروعه هو " تصدير الثورة " وان امريكا هي " الشيطان الأكبر " وان إسرائيل "سرطان في جسم الأمة يجب اقتلاعه ".
· مدى الامكانات والظروف المناسبة
ا ـ ان موقع إيران الجغرافي وسعة مساحته وحجم سكانه ومتانة اقتصاده وامكاناته النفطية تعزز قدرة إيران على تحقيق مثل هكذا هدف له مردود كبير بهذا الحجم من المصالح والاستراتيجيات بل وتساعد إيران على المضي قدما في تحقيق هذا الهدف دون تردد.
ب ـ ان الظروف الموضوعية الجغرافية والسياسية التحالفية في المنطقة شجعت إيران بكل امكاناتها للسعي نحو تحقيق هذا الهدف ، وهذا الظروف تتمثل في تواجد حزب الله الشيعي على حدود فلسطين الشمالية وما قام به من إنجازات في هذا المجال سواء على صعيد تحرير الأراضي اللبنانية وما يمتلكه من قدرات عسكرية وعددية ومكانة شعبية في المنطقة.
ج ـ التحالف التاريخي والاستراتيجي المعلن والمعروف بين إيران الثورة والنظام السياسي في سوريا والذي يوفر دعما مباشرا لحزب الله ومكن سوريا من تطوير قدراتها العسكرية والصاروخية بالذات بشكل كبير ومؤثر ضد إسرائيل وتشكيل ما يسمى بجبهة الممانعة .
د ـ الامتداد ألتحالفي الجديد مع حركة حماس المقاومة والحكومة والسلطة الفعلية في غزة وما تلقته من دعم مالي كبير في هذا المجال والذي هو امتداد للدعم الإيراني لحركة الجهاد الإسلامي مما شكل طوقا ناريا محكما حول إسرائيل كما سنرى لاحقا .
· مدى الإعداد والاستعداد الحقيقي
أي ماذا أعدت إيران لزوال إسرائيل؟
ان الإجابة على هذا السؤال تتطلب التذكير ان هذه المعلومات إنما هي ما أفصح عنه الإيرانيون انفسهم وما كشفته الأحداث وما تم تسريبه في الدوائر الغربية والإسرائيلية والمخفي أعظم ولكنه يعطي دلالات أكيدة وتحليلات واضحة على حجم ما أعدت إيران لزوال إسرائيل والمتمثل بما يلي :
أولا : استطاعت إيران إقامة طوق حليف لها حول إسرائيل تميز بأنه ناري صاروخي مؤثر ومفزع للكيان الإسرائيلي من خلال حزب الله وسوريا وحماس والجهاد الإسلامي دفع إسرائيل لأول مرة في تاريخها الى إجراء مناورات شاملة وضخمة وعلنية لكافة القطاعات العسكرية والمدنية وكافة المناطق ولكافة الأسلحة بما فيها الكيماوية وغير التقليدية ، وجاءت التصريحات الإسرائيلية توضح ذلك بان إسرائيل قلقة من القدرات الصاروخية للعدو والذي قد يربك استدعاء الاحتياط في الجيش الإسرائيلي ، وان إسرائيل تنوي نقل قواعدها الجوية الى النقب في محاولة لحمايتها.. والمخفي الذي لم يصرح عنه من القلق أعظم من ذلك بكل تأكيد .
ثانيا : استطاعت إيران تطوير قدراتها العسكرية والقتالية والتقنية والصاروخية على وجه التحديد من حيث المدى والدقة والقدرة التدميرية بحيث تصل الى إسرائيل وتضربها بشكل مؤثر وفاعل وقد أعلنت إيران رسميا وإعلاميا عن بعض هذه القدرات سيما التقليدية منها ، خلافا لغير التقليدية التي يحاول الإيرانيون عدم الحديث فيها ورغم شح المعلومات والتكتم والتمويه في المجال غير التقليدي لا سيما في المجال النووي إلا ان التقديرات العسكرية المتخصصة في هذا المجال تتوقع تطور وتقدم إيراني كبير قياسا على التوجه والتركيز الإيراني على التطوير وامتلاك السلاح المؤثر وهنا يكفي ان نشير الى ان إيران أصبحت قادرة على إطلاق ما يزيد على عشرة آلاف قذيفة صاروخية في الدقيقة الأولى في أية مواجهة او رد فعل وان الرأس المتفجر في هذه الصواريخ وصل الى ما يقارب الطن ، والمدى الى نحو ثلاثة ألاف كيلومتر..
ثالثا : عملت إيران مع حلفائها في المنطقة على بناء وتدريب أجهزة استخبارية دفاعية وهجومية متقدمة وقادرة على توفير الحماية لهم وعلى اختراق العدو ، وقد لاحظت ذلك بشكل دقيق في المفاجآت التي أعدها حزب الله في حرب تموز وقدراته على التمويه والمناورة والتظليل والتخفي لامكاناته العسكرية والصاروخية والقتالية .. إضافة الى حجم المواقع العسكرية والإحداثيات الموضعية والموقعية التي استطاع حزب الله ضربها والتي تحتاج الى معلومات استخبارية دقيقة ومسبقة مما يؤكد اختراق حزب الله وحلفاء إيران الآخرين للكيان الاسرئيلي في عمق الأهداف العسكرية… مقابل عجز إسرائيلي واضح على اختراق حزب الله ومجموعاته القتالية ومواقعه الصاروخية والتخزينية بل عجزت إسرائيل عن رصد او اختراق أي هدف عسكري او حيوي مهم غير مكشوف لحزب الله، وان ما قامت به إسرائيل في حرب تموز عبارة عن تدمير مجمعات سكنية ومكاتب ومؤسسات جماهيرية مكشوفة للصحافة والإعلام في الضاحية الجنوبية ومناطق أخرى.
رابعا: أبدت إيران الاستعداد التام لتقديم الدعم المالي بسخاء في سبيل مواجهة إسرائيل وزوالها وكذلك تحمل الخسائر والأضرار التي تترتب على مثل هكذا مواجهة وقد أتضح ذلك جليا من خلال ما قام به حزب الله في أعقاب حرب تموز من تعويضات وإعادة البناء بشكل سريع وقياسي.. كذلك ما قدمته إيران الى حماس من دعم مالي كبير وفوري ضاهري ومعلن تجاوز نصف مليار دولار ..ناهيك عن المساعدات الاخرى والمساعدات التي تقدم الى الجهاد الإسلامي منذ زمن طويل ..
خامسا: استطاعت إيران بحنكة ودهاء ان تشكل رقما صعبا في المعادلة الدولية والأمريكية على وجه الخصوص لا يمكن تجاوزه ولا يمكن المغامرة معه من خلال ما قامت به من دعم عسكري ومالي واختراق استخباري منظم وممنهج لمنظمات وتنظيمات وحركات وفصائل متضاربة في الفكر والمنهج والاتجاه أحيانا ولكنها متوافقة عندما يريد الإيرانيون ذلك في العراق وأفغانستان ولبنان وفلسطين والمنطقة عموما، وهذا الاختراق الكبير سوف تجيره وتستخدمه إيران عند الضرورة في مواجهة إسرائيل.
سادسا : تمارس إيران سياسة خارجية هادئة وسلسة في ظاهر الحال ولكنها متسللة وسريعة وقادرة على استغلال الفرص بل وصناعتها في خدمة مصالحها وتحقيق أهدافها الاستراتيجية ، وهي تتبع تكتيكات تبتعد عن المواجهة والصدام المباشر حيث تستخدم اذرعها الحليفة في العراق وأفغانستان ولبنان والمنطقة في المواجهات بما يحرج امريكا ويجعلها في وضع الارتباك الدائم لمعالجة ملفها النووي وتحقيق هدف ازلة إسرائيل..
سابعا : إعادة البناء السريعة لقطاعات حزب الله العسكرية في أعقاب حرب تموز من تدريب وجهوزية قتالية ومضاعفة أعداد المقاتلين الى زيادة وتطوير القدرات الصاروخية بالذات على نحو يشكل أضعاف ما كان قائما قبل الحرب والذي تؤكده أوساط حزب الله والخبراء في هذا المجال يدلل على مدى الإعداد والاستعداد والحماسة لمواجهة كبرى مع إسرائيل من اجل زوالها والذي أصبح يكرره ويؤكد عليه السيد حسن نصر الله نفسه
ثامنا: الحرب النفسية المركزة والممنهجة التي تقوم بها إيران وحزب الله تجاه إسرائيل والتي تشكل هذه التصريحات جزء أساسي منها .. ومن يتابع هذه التصريحات سيما تصريحات الرئيس احمدي نجادا وتصريحات أمين حزب الله السيد حسن نصرا لله على وجه الخصوص حول زوال إسرائيل يدرك بما لا يدع مجالا للشك ان هذه التصريحات تأتي في إطار مدروس ودقيق وممنهج لحرب نفسية تم الإعداد في إطار خطة متكاملة في هذا الاتجاه يخدم الهدف الأكبر والأعظم لزوال إسرائيل ..
تاسعا: بالمقابل فان الكيان الإسرائيلي يعيش حالة من الرعب غير مسبوقة من زوال كيانه ومن يتابع الإعلام الإسرائيلي يجد ذلك جليا وواضحا بل ان هناك من الكتاب الاسرائيين هذه الأيام من يتحدث حول مخاوف حقيقية وهواجس زوال إسرائيل مما يشير الى ان تأثيرات كبيرة ومؤثرة للحرب النفسية من تصريحات نجادا ونصرا لله وقد أتت أكلها مما يدفع ويشجع الإعلام العربي والإسلامي المستقل على تكثيف الحديث حول زوال إسرائيل وإعطاء الأفكار والتفصيلات والبرامج حول زوال هذا الكيان .
.
عاشرا: لقد أسقطت حرب تموز جدار الخوف والدعاية المضخمة الذي زرعته إسرائيل لحفظ كيانها ، وأثبتت هذه الحرب للشعوب العربية والإسلامية وحتى للأنظمة الرسمية فيها ان هذا الكيان غير قادر على اختراق المقاومة العقائدية المنظمة والقادرة والمدربة وغير قادر أيضا على إنهائها او تحجيمها او الحد من تأثيرها ، بل ما هو اكثر من ذلك لقد مهددت هذه الحرب وشجعت إيران والمقاومة بشكل حقيقي ومفصلي لزوال إسرائيل وأثبتت ان إسرائيل كيان هش قابل للاختراق والانهيار المفاجئ غير المتوقع إذا توفرت الإرادة واتخذ القرار والاستعداد لتحمل الخسائر البشرية والمادية، وهنا ما يجدر ذكره ان هذا الاستعداد من حزب الله في مواجهة إسرائيل والذي ظهر في حرب تموز إنما هو نموذج مصغر وبسيط لحالة الاستعداد التي تقوم بها إيران وحلفائها مجتمعين لتحقيق هذا الهدف ..
· سيناريوهات متوقعة
هناك عدة سيناريوهات في هذا المجال يمكن وضعها في ثلاثة اطر رئيسة:
الأول ؛ ( صاحب الضربة القوية والمفاجئة الأولى ينتصر ) وذلك من خلال ضربة صاروخية منتقاة وشاملة ومفاجئة وقوية ومؤثرة جدا من عدة اتجاهات لأهداف إسرائيلية حساسة ومفصلية وقاتلة تشل أنظمة السيطرة والتحكم والاتصالات وتؤدي الى خسائر كبيرة ينجم عنها حالة من الهثيان المدني والذهول العسكري في الميدان يضعف معها او قد ينعدم معها قدرة وفاعلية الرد الإسرائيلي وتجعله ينشغل في الإسعاف والطوارئ والإنقاذ ويسرع الى التركيز على لملمة جراحه وعدم وقوع مزيدا من الخسائر ..
والثاني ؛ ( مقاومة فاعلة ومؤثرة تمهد الطريق .. ) وذلك من خلال تصعيد عمليات المقاومة بشكل كبير ومكثف وعميق من الشمال والجنوب والداخل يستنزف القدرات الإسرائيلية تتولى فيه إيران الدعم والمساندة والتمويل المالي والعسكري والتدريب والمعدات وهذا التصعيد يمهد الى توجيه ضربة صاروخية كبرى الى الكيان إلاسرائيلي في الوقت المناسب لذلك لا سيما بعد ان تستكمل إيران بناء قدراتها النووية ليشكل رادع أمام أي رد إسرائيلي محتمل ..
والثالث ؛ ( حماقة إسرائيلية متسرعة في مواجهة استعداد لزوالها ) وهذا هو الأرجح لان العقلية الاسرائبلية هجومية ومغامرة في سبيل الحفاظ على كيانها او عندما تشعر بالتهديد والخطر لكيانها وهذا ما رأيناه عبر تاريخ إسرائيل ولكن الامر مختلف الآن فيما يخص الإعداد والاستعداد لزوال إسرائيل ولهذا يمكن توقع ان تقوم إسرائيل وتقدم على حماقة عسكرية متسرعة ومفزعة تجاه إيران او حلفائها الاستراتيجيين تدفع إيران وحلفائها الذين اعدوا العدة للمواجهة الكبرى الى رد حاسم وعنيف يزلزل الكيان الإسرائيلي ويجعله في حالة خلخلة وارتباك وربما انهيار يشجع آخرين للحاق بالمواجهة وهو ما لا يمكن توقع نتائجه الآن..
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت مارس 29, 2014 3:12 am من طرف رياض باحاج شبوة
» تحيه من اخوانكم ال باحاج - شبوة
السبت مارس 29, 2014 2:25 am من طرف رياض باحاج شبوة
» قصيده للشاعر محمد باحسن باعساس باحاج
الأربعاء أبريل 17, 2013 4:16 am من طرف hassan omer bahaj
» التعليم
الأربعاء أبريل 17, 2013 3:44 am من طرف hassan omer bahaj
» إتحاد الجنوب العربي
الثلاثاء يوليو 19, 2011 7:59 pm من طرف سعيد باحاج
» قصيدة الشاعر الكبير سعيد مبارك باعبود باحاج الحسني
الجمعة مارس 04, 2011 2:58 am من طرف سعيد باحاج
» قصائد لبعض شعراء آل باحاج
الخميس مارس 03, 2011 9:54 pm من طرف سعيد باحاج
» هنيبعل / حنيبعل
الثلاثاء مارس 01, 2011 1:45 am من طرف سعيد باحاج
» الأوزان العالمية والمقاييس
الأربعاء فبراير 16, 2011 11:23 pm من طرف سعيد باحاج